تنظيم القاعدة يضع دراسة لمصر تستهدف تفكيك الجيش وقتل جنوده

بواسطة Unknown بتاريخ السبت، 24 أغسطس 2013 | 4:42 ص

تنظيم القاعدة يضع دراسة لمصر تستهدف تفكيك الجيش وقتل جنوده




الغلاف 



نشر تنظيم القاعدة دراسة حديثة عن مصر ووضعها عقب سقوط مرسي ونظام الإخوان، والتي كتبها أحد المرجعيات الأساسية لتنظيم القاعدة الشيخ أبي بكر أحمد , تحت عنوان «مصر والطريق إلى أمة الخلافة».

وأشارت الدراسة إلى عدة نقاط أساسية سيقوم تنظيم القاعدة بتطبيقها داخل مصر خلال الأيام القادمة، وكزت في محتواها علي ضرورة استهداف جنود الجيش المصري وتفكيك المؤسسة العسكرية المصرية خلال المرحلة القادمة، حتي يتمكن تنظيم القاعدة من تحقيق وجوده داخل المجتمع المصري .
وأشارت أبو بكر في فتواه للتنظيم، أنه لا يجوز الوقوف مع الإخوان حالياً، لأنهم باعوا قضية تحقيق وتطبيق شرع الله من أجل الحرية والديمقراطية، حتي أصبحوا عبيداً لها، ويضحون بشبابهم من أجلها .
وأشارت الدراسة إلى أنه يجب أن يكون هدفها إضعاف الجيش بإشغاله الدائم، وباستهداف قياداته الفاعلة، وباستهداف اقتصاده، وبدفع الناس للتخلف عن التجنيد فيه طوعا وبالإقناع، أو كرها بما يرونه من حروبه ومعاركه ونوعيتها، ولا مانع أن نستغل موقف عوام الإسلاميين من الجيش، خاصة في أوقات الاختلاف الواضح بينه وبين حلف الإخوان، لكن نعمل لخدمة مشروعنا «التفكيكي»، لا لخدمة مشروع الإخوان الترقيعي.
وأفادت الدراسة أن العمليات العسكرية التي سيقوم بها تنظيم القاعدة ستركز علي عمليات اغتيال، كالمعروفين عند العامة قبل الخاصة بحربهم الواضحة للدين، كبعض الإعلاميين، وغيرهم، وليس القيام بعمليات تفجيرية .
وأوضحت الدراسة أنه من أهم الأهداف السياسية، والتي لا يمكن إظهارها، هو العمل على ضرب مظاهر الدولة الحديثة، ومفاصلها فلتفكيك قوام الدولة القومية الحديثة، يلزم استهداف إعلامها وأمنها وجيشها والسعي لتفكيكه وأول نجاح تفكيك دولة قومية حديثة؛ هو تفكيك جيشها.
وأكدت الدراسة أن المجتمع بدأ يتأهل للخلافة، والجيل الحالي بدأ يصاغ في أجواء الحركة والجهاد، ليصلح أن يتحمل مسئوليات الخلافة, وأقرب المجتمعات في مصر، حسب طبيعتها الاجتماعية، المهيأة لجهاد التمكين، وقيام أمة خلافة، هو سيناء، ثم يتدرج الأمر من مطروح إلى جنوب الصعيد إلى شماله، والمراكز الشرقية قبل الغربية، ثم يتدرج الأمر بنا إلى الوصول إلى داخل الدلتا.
وأضافت الدراسة أن الإخوان كمن مزج بين دين عيسى وبين الوثنية، ثم جعلها ديانة رسمية للدولة الرومانية؛ فهم أول من يفسد مفاهيم الإسلام، ويمزج بين الإسلام وبين اللبرالية الديموقراطية الرأسمالية، وأن كلامهم عن "خلافة على منهاج النبوة"، وكلام حسن البنا عن أستاذية العالم، لم يعد عندهم إلا كلاماً في الكتب.
وطالبت الدراسة أعضاء التنظيم بالاهتمام بتفعيل محاكم شرعية، لجان فض منازعات شرعية بين الناس؛ أفراداً وجماعات، وتفعيل الوحدات الاجتماعية، ودفعها للاستغناء عن الدولة المتهاوية، كتفعيل التعليم في جوامع الأحياء والقرى، ومن أهمها تفعيل ما عرف باسم اللجان الشعبية، والعمل على تشجيع الناس والتجار على امتلاك السلاح.
وإلي نص الرسالة كاملا مثلما وردت في الوثائق الملاحقة التي نشرها اعضاء التنظيم .....
« هذه ورقات حاول الكاتب أن يعرض فيها بعض الأفكار التي ستساعد على فهم الواقع المصري في ظل الأحداث التي توالت عليه خلال العامين الماضيين، والتي تميزت بإحداث تغيرات كبيرة وتصدعات واسعة في مجتمع ظل لأكثر من أربعين سنة في ظل حكم جبري ديكتاتوري يكتم الأنفاس ويستغل ثروات البلاد بشكل فئوي يتسم بأقصى صور الجشع والفساد ، في الوقت الذي وصلت فيه أحوال الشعب المصري الاجتماعية والاقتصادية إلى الحضيض بل دون الحضيض. هذا بالرغم من امتلاك الشعب المصري على كل المقومات التي تؤهله لكي يحمل راية الإسلام ويقود الأمة بما يتوفر عليه من علماء وتاريخ مشرق.
وفي ظل تلكم الأوضاع وما حدث من مستجدات بعد الثورة الأخيرة على فرعون مصر حيث تلتها ثورة مضادة بقيادة الجيش وأجهزة الأمن البائدة، نجد أنفسنا في وضع محير، بين فئة انقلبت على نتائج الثورة وعلى إرادة الشعب المصري جملة وتفصيلا وبشكل وحشي واستعمال كل أنواع القوة والبطش والاستهتار بإرادة واختيار الناس، وبين فئة تريد أن تواصل الحكم وفق منهج حزبي يتلون بلون الإسلام دون أن يطبق شرع الله المنزل، ويتبنى منهجاً مخالفاً يحاول أن يجمع فيه بين الإسلام والقومية والوطنية كما هو حال حزب الإخوان المسلمون.
وأهم ما في هذه الورقات هو اقتراح مشروع عمل لكل من يريد أن يتحاكم إلى شريعة الله بدلاً من هذه القوانين الوضعية الظالمة البائدة، أفكار ومقترحات وخريطة طريق بخطوطها العريضة، حاول من خلالها عرض وسيلة عمل على المدى القريب والبعيد من أجل احتواء الأوضاع القائمة ومحاولة استغلالها لصالح مستقبل الإسلام، ومحاولة إشراك الشعب المصري المسلم فيه، والاستفادة من سنن الله عز وجل في كونه وتجارب الأمم السابقة التي حملت أمانة الدعوة من قبلنا، وركزت كثيراً على أمة بني إسرائيل بقيادة نبي الله موسى عليه السلام، نظراً للشبه الكبير بين الوضعين.

نسأل الله أن ينفع بهذا البحث ويكون مقدمة لورشات عمل يفتحها المخلصون من أبناء الأمة،سواء في مصر أو في غيرها من بلداننا المحتلة، لكي نعود بها إلى طريق الحق وتقود بها البشرية التائهة من جديد، والله الموفق وهو يهدي السبيل.
*-*-*-*-*-*-*
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد
فقد أتت هذه نقاشات بيني وبين إخواني، في أيام مهمة في تاريخ الأمة، في منحنى جديد في طريقها، يضعنا على أول الطريق بعده.
فأين نسير؟ وكيف نكون؟ وماذا نعمل؟ ولماذا؟
وكما كانت أسئلةٌ ونقاشات؛ فصغتها في صورة أسئلة وإجابات، وما هي إلا اجتهادات ومقاربات، "والله يقول الحق وهو يهدي السبيل"
يأتي السؤال كثيراً:
س: ما موقفنا من الأحداث الحالية في مصر؟
وللإجابة؛ فلننظر إلى أهم التشكيلات المتصارعة، على قيادة الدولة القومية الحديثة الفرعونية، بعد أن أنجانا الله من فرعون الشخص:
1- الجيش، وحلفاؤه من أجهزة أمنية وفلول نظام مبارك، وهم يملكون أهم مفاصل الدولة، وأقوى قوة عسكرية واقتصادية، ويملكون شعبية ليست هينة.
2- العلمانيون، من لِبراليين واشتراكيين، والكنيسة والنصارى، وميليشياتها وحشدها واقتصادها، والإعلام العلماني واقتصادهم.
3- الإخوان، وحلفاؤهم من جماعة إسلامية وحازمون وقطبيين وسلفيين (غير السكندريين)، وتنظيمهم وحشدهم وشعبيتهم، ومشايخهم ومنابرهم، وعاطفة دينية لدى أتباعهم ولدى عموم الشعب.
والتشكيلان الأخيران هما من عرفا مؤخرا باسم تمرد وتجرد.
*إلا أن بينهما تردد؛ وهم :
1- "الدعوة السلفية" المعروفة باسم سلفية الإسكندرية، والتي حزبها حزب النور، وأبرز رموزها د.ياسر برهامي، وكذلك
2.المنشقون عن الإخوان في الأعوام الأخيرة، والذين كانوا يعرفون بالتيار الإصلاحي في الإخوان المسلمين، وأبرزهم د.عبد المنعم أبو الفتوح؛ رئيس حزب مصر القوية.
*والتحالفات بين هذه التشكيلات المتصارعة، تتغير من فترة إلى أخرى؛ فبعد تحالف الجيش مع الإخوان، منذ الاستفتاء على التعديلات الدستورية الأولى، حتى قبل انتخابات الرئاسة، يتحالف اليوم الجيش مع العلمانيين والكنيسة، قبل انقلاب السيسي على مرسي بفترة.
إلا أن هذه التشكيلات جميعها:
1- لن تطبق شرع الله، أو ليس لها مشروع أوبرنامج لتطبيق الشريعة كقانون، ولا تجعل الدولة تستسلم لله حَكَما، بل هي بين عداوة شرع الله، وبين تخاذل عن نصرته.
2- لا تسعى أي واحدة منها للخروج بالأمة من التبعية للقوى العظمى، بل جميعها يتسابق لخدمة السيد الأمريكي وابتغاء مرضاته، جميعها يصلي إلى نفس القبلة، ويقدم القرابين لرب البيت الأبيض.
3- جميعها يتنافس على دولة قومية حديثة؛ ليحكمها وتستقر له، وليس فيها من يسعى لتغيير شكل الدولة، لكن ربما شكل نظام حكمها من دكتاتوري إلى ديموقراطي، أو العكس.
*والمتوقع أن يكون التحالف العلماني العسكري هو الأثبت، بل أتوقع أن يستقر مستقبلا على صورته هذه.
*والوحيد منهم، صاحب المشروع الساعي لتطبيق الشريعة، وللخروج من الهيمنة، ولتفعيل دور المجتمع في الدولة؛ كان حازم أبو إسماعيل ومن معه. سواء اتفق من اتفق معه في وسيلته للوصول إلى هدفه أو اختلف؛ وسيلته تلك التي لم تصل به، وما كانت لتصل. لكن لا خلاف أن قد كان هذا هو هدفه المعلن.
إلا أن حازما بعد مرسي، قد صار حليفا للإخوان، وكل حركته، هو ومن بقي معه، من يومها قد صارت في خدمة مشروع الإخوان، لكن بعض من كانوا مع حازم، وأرادوا إكمال المشروع، كبعض مؤسسي أحرار، تركوا الديموقراطية وآليات الديموقراطية، وميّزوا أنفسهم وفاعلياتهم عن الإخوان وحلفائهم.
والمعركة اليوم بين تمرد وتجرد؛ هي معركة بين دكتاتورية وديموقراطية. أو هي معركة بين علمانية شاملة، وبين علمانية جزئية. وليس للإسلام وشريعته فيها نصيب.
تمرد؛ علمانية شاملة، تسعى ما استطاعت لطمس معالم التدين الفردي، وتحارب مظاهر الدين وهديه، وتحارب اللحية والنقاب.
وهم يحاربون الإسلام وجوديا، وليس لهم باع في إفساده.
وتجرد؛ علمانية جزئية، فهم حلف يسعى لنشر التدين الفردي ما استطاع، لكن الدين في المسجد فقط؛ فكأن القرآن لم ينزل "لتحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه"!
يسعون لنشر التدين الفردي، لكنه تدين فردي مشوه في مفاهيمه وتصوراته، وفوق ذلك هم الوحيدون في مصر، الذين يعملون على نشر قيم الديموقراطية في المجتمع ككل.
والإخوان اليوم كما يظهر من رموزهم؛ يؤمنون بالديموقراطية كعقائد (فلسفة) وشرائع (آليات) ، ولم يعودوا ينظرون إليها حتى نظر المضطر، لكنهم هم وحلفاؤهم الإسلاميون فقط، هم الذين يؤمنون بالديموقراطية، وهم الذين يعملون على نشر الديموقراطية وفكرها في المجتمع المصري.
وشعارهم الشرعية (الديموقراطية)، ومسيراتهم وفاعلياتهم ترسخ دين الديموقراطية في المجتمع; عقائد (فلسفات) وشرائع (آليات) !!!
وأكبر مصلحة هي مصلحة الدين، وكل مفسدة تهون إلى إفسادهم أصل الدين.
بل وغير ذلك؛ فمن الغباء السياسي للإخوان وحلفهم، أن بضاعتهم للشرعية وللحكم التي يقدمونها للمجتمع هي الديموقراطية. يقدمونها في مجتمع هوخليط؛ فرعوني عربي مسلم! والمجتمع الفرعوني يرى مصلحته الدنيوية في وجود فرعون؛ فالبضاعة التي يطلبها هي الدكتاتورية. والمجتمع العربي القبلي يريد دينا جامعا؛ فالبضاعة التي يطلبها هي الدين. ولأن المجتمع مسلم أو أغلبيته مسلمة؛ فيطلب الإسلام لينجو في الآخرة.
فالإخوان يقدمون للمجتمع بضاعة لا يريدها في مجمله، ولا يقبلها، إلا قليل من أهل المدن الكبرى؛ فيضطرون للدعاية لها والتسويق لها، وكذلك ينشرون الديموقراطية.
ولو فطنوا لرأوا معظم من ناصرهم قد ناصرهم لنسبتهم أنفسهم للإسلام، ومعظمهم لا يمثلون المجتمع الزراعي الخالص، أو تتجاذبهم القيم الدينية مع القيم المجتمعية.
فنُسأل:
س: فمع من نقف اليوم من التيارين المتصارعين؟
تعال لننظر إلى فعل الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته؛
فلو نظرت للرايات المرفوعة اليوم، بغض النظر عن حكم الأفراد تحتها؛ فالغالب على الأفراد تحت راية الإخوان وحلفهم الإسلام، والغالب على من يعرف هدف وغاية تمرد العلمانية أو النصرانية.
لكن عندنا الرايات التالية، بغض النظر عن أحكام الأفراد تحتها:

1- راية الإخوان وحلفهم اليوم؛ ينتسبون للدين والكتاب، ثم لا يقيمونه ولا يحكّمونه؛ فهم بمثابة الروم أهل الكتاب المنتسبين إليه، أيام الرسول صلى الله عليه وسلم.
و2- راية جبهة الإنقاذ (أو تمرد) وحلفهم اليوم؛ هم بمثابة الفرس المشركين أيام الرسول صلى الله عليه وسلم؛ فهم ينتسبون للعلمانية، ويعادون مجرد النسبة للإسلام.
فهل قاتل الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه مع أهل الكتاب من الروم ضد المشركين؟ وهل ناصروهم أو دعموهم بأي صورة من صور النصرة والدعم المادي؟ لا وربي.
بل كانوا عشرات الرجال في الصحراء، لا تأبه لهم البشرية. ومع ذلك لم يدخلوا في المعارك الكبرى، ولا ناصروا طرفا على آخر.
نعم، حزنوا لانتصار الفرس المشركين، ثم فرحوا يوم انتصار الروم الكتابيّين.
لكن كان لأولئك العشرات في الصحراء، الذين لا تأبه لهم البشرية، مشروع آخر، أثمر بعد سنين معدودة، وأقام أمة التوحيد والشريعة، وهدم الإمبراطويتين العظميين، بعد عقود قليلة، وعلى يد نفس الجيل!
بل وفوق ذلك، كان عشرات الصحابة بالحبشة، وقامت ثورة على النجاشي بسبب وجودهم.
فكانوا يحبون انتصار النجاشي على من خرجوا عليه، لكن لم ينصروا النجاشي وجيشه بأنفسهم أو أموالهم أو أي صورة دعم مادي. رغم أن خروج من خرج على النجاشي قد كان بسبب إيوائه إياهم، ورغم أن هزيمة النجاشي، قد كانت تعني لهم احتمالية الهلاك في الحبشة، أو الخروج من الحبشة لغير مأمن؛ فلم ينصروه بقتال مع ذلك.
فهدي من نتبع اليوم؟!!!
وكيف نقف في صف أقوام لم يقيموا كتاب الله ولم يحكّموه؟!!!
ونحن اليوم لم نعد عشرات في صحراء، لكننا اليوم كثير!
أمتنا اليوم ربع الناس! ومن يقيم ما أنزل إلينا من ربنا، ويعطي ولاءه لأمته وحدها، فلا يراقب الغرب ولا الشرق، هو وحده الذي يستحق إمامة هذه الأمة.
لماذا نتبع أصحاب مشروع يعادي القرآن وحكمه؟! أو نتبع أصحاب مشروع ينتسب للقرآن، ثم يخذله ولا يقيمه في واقع الحياة؟!!!
نعم نفرح لنصر المنتسبين للكتاب على المعادين له، لكن لا بد أن نكون أصحاب مشروع يقيم الكتاب حقا، في واقع الأمة والناس.

لكن يرد علينا راد:
فرق بين الصراع اليوم، وبين ذاك الصراع بالأمس؛ فالأمس لم نكن نخسر نحن ولا مشروعنا الكثير، إن انتصر الفرس أو انتصر الروم.
والجواب:
1- تقدم الكلام عن الحبشة، وأن المسلمين لم يبذلوا أنفسهم في نصرة جيش النجاشي، رغم أنهم كانوا تحت سلطانه، ورغم دعائهم الله أن ينصره.
وفرق بين الاستعانة براية غير مسلمة في خدمة مشروع مسلم، أو تقاطع مشروعنا مع مشروع راية غير مسلمة، وبين العمل في خدمة راية غير مسلمة لا تلتزم شرع الله؛ فنكون تابعين عمليا لهذه الراية، ولخدمة مشروعها ( ولا يجوز القتال مع المشركين ولو ضد مشركين، وهو مذهب أصحابنا المالكية، وهو الراجح كما تقدم).
2- بالنسبة لعقيدة الأفراد؛ فحلف تمرد اليوم، يمارس مع الإسلام اضطهادا كاضطهاد عشرة أباطرة رومان كدقلديانوس، لأتباع عيسى الأُوَل. بينما يأخذ الإخوان وحلف تجرد دور قسطنطين، الذي مزج بين دين عيسى وبين الوثنية، ثم جعلها ديانة رسمية للدولة الرومانية؛ فهم أول من يفسد مفاهيم الإسلام، ويمزج بين الإسلام وبين اللبرالية الديموقراطية الرأسمالية.
3- إن الخطر الحقيقي علينا، بل على المجتمع والأمة كلها، هو بقاء واستقرار الدولة القومية الحديثة، سواء أستقرت تحت حكم الإسلاميين، أم تحت حكم العلمانيين؟
لكن المصلحة أن يبقى الصراع بين التيارات المتصارعة، وألا تخلص الدولة لأحد.
* ثم الواجب علينا ألا نفكر في مصالحنا الضيقة كحركة أو كأصحاب فكر. نعم، نحن نخشى على أنفسنا زيادة التضييق والاعتقال والقتل، لكن لنفكر في مصلحة المجتمع والأمة أولا، والتي ما كنا ولا قمنا إلا لأجلها.
* وإن كانت سيدتهم جميعا؛ أمريكا، قد أرادتها باكستان أخرى، وأتت بسفيرتها السابقة في باكستان لترتب الوضع لذلك، وأطاعها الجيش، ومعهم العلمانيون، وسهّل لها المهمة انحراف وغباء الإخوان والإسلاميين الديموقراطيين.
نعم، صعب عليهم أن يجعلوها باكستان، لكن إن كانت باكستان فلنكن طالبان، ولا نكونن أقل من طالبان، ولا نكون، ولن نكون إن شاء الله، وقودا لمعارك الأحزاب الدينية أو الإسلامية الديموقراطية.
س : أفلا نقف مع الإخوان ضد الجيش؛ إذ الجيش هو الحامي للدولة القومية الحديثة الفرعونية؟
جـ: كيف؟
وأي فاعليات يقودها الإخوان، ستهدف إلى المحافظة على الدولة وعلى الجيش، لكن ليأخذ الجيش وظيفته في الدول الديموقراطية، ولتأخذ الدولة القومية الحديثة، صورتها الديموقراطية لا الدكتاتورية.
لكن يجب أن يكون هدفنا نحن تفكيك هذه المنظومة من أصلها، وإضعاف الجيش يكون بإشغاله الدائم، وباستهداف قياداته الفاعلة، وباستهداف اقتصاده، وبدفع الناس للتخلف عن التجنيد فيه طوعا وبالإقناع، أو كرها بما يرونه من حروبه ومعاركه ونوعيتها.

ولا مانع أن نستغل موقف عوام الإسلاميين من الجيش، خاصة في أوقات الاختلاف الواضح بينه وبين حلف الإخوان، لكن نعمل لخدمة مشروعنا التفكيكي، لا لخدمة مشروع الإخوان الترقيعي.
والوقوف مع الإخوان اليوم هو وقوف في صف الديموقراطية، ولأهداف ديموقراطية، وبآليات الديموقراطية!
أما كونه وقوفا في صف الديموقراطية؛ فذاك قد فرغنا منه، لكن كيف يكون بآليات الديموفراطية؟
إن أساس فكرة الديموقراطية نظريا؛ رد الحكم إلى الشعب. والمظاهرات السلمية التي لا تواجه، لكن تظهر الأعداد أمام الحكومة والداخل والخارج، لأنها بمثابة إظهار رأي الشعب أو هي توعية للشعب. هذه هي المظاهرات التي يؤمن بها الإخوان، والتي يمارسونها، والتي سبق وسعوا لتقنينها.
وإلا فقل لي بربك ما الفرق بين المشاركة في هذه المظاهرات، وبين المشاركة في انتخابات مرسي ضد شفيق؟!
لماذا لم تشارك في تلك ولم تتردد، وأراك اليوم مترددا؛ أتشارك في مظاهرات ديموقراطية، لدعم مرسي ضد العسكر؟!
رغم سهولة الورقة في الصندوق اجتنبتها، لكنك قد تدفع دمك في مظاهرات ديموقراطية؛ لنصرة الشرعية الديموقراطية، وتحت رايات الديموقراطية!
فقل لي ما الفرق بين انتخابات مرسي ضد شفيق، وبين مظاهرات مرسي ضد العسكر؟!!!
س: بل قل لي أنت ما الفرق ببن هذه المظاهرات وبين مظاهرات ثورة يناير، التي كنا أول من حرض عليها وتقدم وشارك؟
ألم تكن تلك مظاهرات أيضا ؟! ألم تكن فرعا عن الديموقراطية أيضا؟
جـ: بل مظاهرات ثورة يناير، كانت مختلفة في صورتها، وفي هدفها؛ فالتقى عليها المسلمون الموحدون الكافرون بالديموقراطية، والإسلاميون الديموقراطيون، والعلمانيون الديموقراطيون، وعاداها الدكتاتوريون.
فمظاهرات ثورة يناير شابهت من وجه المظاهرات الديموقراطية، وشابهت من وجه نهي الإمام عن المنكر، أو قولة حق عند سلطان جائر، لكنها كانت أشبه وأقرب إلى الخروج على حاكم وخلعه؛ خرج الشعب بما يستطيع، وقطع ذراع النظام الباطشة، فحرق أقسام الشرطة في معظم المناطق الشعبية، وحرق من سيارات الشرطة ما حرق. ثم كان هدفه النهائي إسقاط النظام، لم يقبل من مبارك انتخابات مبكرة، بل صرح الثائرون أنها قد تأتي به هو نفسه، وربما لا يكون معظم الشعب مع الثورة، ولم يقبل الناهون مجرد إصلاحات جزئية، وتغيير وزارة، بل كانت خروجا على النظام، وبالقوة التي استطاعها الشعب.
فنُسأل سؤالاً آخر:
س: أوليس من مصلحة المجتمع أن تستقر أمور الدولة للإخوان؛ فتكون فرصة للدعاة والمربين؟

*مقدمة قبل الإجابة عن هذا السؤال:
عاشت أمتنا تحت الحكم الطاغوتي الفرعوني، ما شاء الله لها أن تعيش؛ تحت قهر وذل واستعباد!
وفي هذه المرحلة الطاغوتية؛ ظهرت الصحوة الإسلامية، وظهرت الحركة الجهادية؛ لتكون لهذه الأمة بمثابة الصاعق للقنبلة؛ فتعيد لها فاعليتها وأهليتها للخلافة في الأرض.
ثم لما أضعفت النظام العالمي المسيطر على الأمة من خارجها، ولما قدمت الصحوة والمجاهدون للأمة النموذج العملي في الخروج على الفراعنة داخلها؛ قامت ثورات الشعوب العربية.
وكما كانت الصحوة الإسلامية، والحركات الجهادية، قد وفقها الله لأن هيّأت أسباب الثورة. فكذلك شاركت في الثورة؛ فقد كانت الثورات لإسقاط الفراعنة الطواغيت، وهو واجب شرعي، ولم يتفق الناس على ما بعدها.
قامت الثورات في عدة دول عربية، لكن كان أهمها مصر وسوريا؛ فهما مؤهلتان للخروج عن التبعية، وهما مؤهلتان لقيادة الأمة.
قامت الثورة في مصر؛ فأسقطت مباركا وحزبه، وكثيرا من أركان نظام دولته. قامت الثورة، وسقط فرعون.
أهلك الله عدونا، واستخلفنا في الأرض؛ لينظر كيف نعمل؟
فما فعل أهل مصر في مصر، إلا كما فعل بنو إسرائيل من أصحاب موسى:
1- على المستوى العقدي؛ لما رأوا قوما يعكفون على أصنام لهم، قالوا: يا موسى اجعل لنا إلها كما لهم آلهة، ثم عبدوا عجل الذهب.
وشعبنا وجدوا الناس يعبدون الديموقراطية، والدولة المدنية اللادينية؛ فعبدوها. وقدموا ذهب التنمية الاقتصادية، على الدين والشريعة.
2- على المستوى الحركي؛ لما أُمِر بنو إسرائيل أن يدخلوا الأرض المباركة، التي كتب الله لهم (قدراً) ، كما كتبها عليهم (شرعاً)، قالوا لموسى: "اذهب أنت وربك فقاتلا، إنا هاهنا قاعدون"
وشعبنا يقول لمن يحرض على الجهاد: اذهب أنت إلى سوريا فقاتل، وربك معك، إنا هاهنا سلميون!
فماذا كان؟
كان أن كتب الله على بني إسرائيل التيه. {فإنها محرمة عليهم أربعين سنة يتيهون في الأرض" وعزى موسى "فلا تأس على القوم الفاسقين}.
كتب الله عليهم التيه أربعين سنة؛ ليستبدل بهذا الجيل الذي تربى تحت قهر الفراعنة، الذي عبد عجل الذهب، ثم جبن عن الجهاد، جيلاً جديداً يأتي به الله؛ ينشأ في التيه لا حكومة تحكمه، ولا فرعون فوقه.
وتربية أمة الاستخلاف تكون على ثلاثة نماذج:

1- التربية تحت الحكم الفرعوني؛ وإن كان المربي هو ثاني أفضل مرب لأمة في تاريخ البشرية؛ موسى عليه السلام.
وإن كان يربي أفضل أمة في الأرض، في ذاك الزمان {ولقد اخترناهم على علم على العالمين}.
فلم تكن نتيجة هذه التربية لمن نشأوا تحت الحكم الفرعوني، إلا التولي عن تحمل مسئوليات الخلافة {إنا لن ندخلها أبدا ما داموا فيها؛ فاذهب أنت وربك فقاتلا، إنا هاهنا قاعدون}!
2- تربية التيه واستبدال جيل بجيل؛ ولم يذكر القرآن شخص المربي، لكنه مجتمع رباه التيه، مع وجود كتاب الله له.
فكانت النتيجة {ألم تر إلى الملأ من بني إسرائيل من بعد موسى؛ إذ قالوا لنبي لهم: ابعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله}، ومع ما في هذا المجتمع من حب للجهاد، ومن استجابة للتكليف الرباني بالاستخلاف في الأرض ولوازمه، مع ذلك؛ {فلما فصل طالوت بالجنود؛ قال إن الله مبتليكم بنهر، فمن شرب منه فليس مني، ومن لم يطعمه فإنه مني، إلا من اغترف غرفة بيده، فشربوا منه إلا قليلاً منهم، فلما جاوزه هو والذين آمنوا معه، قالوا لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده، قال الذين يظنون أنهم ملاقو الله: كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله؟! والله مع الصابرين.}.

من هذه الأمة العظيمة، كانت التصفية؛ فكان من لاقى منهم ثلاثمائة وبضعة عشر!
والتيه لتغيير الجيل؛ استبدال جيل بجيل، وظهور جيل جديد يتسلم راية القيادة، وظهور قيادات من الجيل الجديد (ملأ) ؛ فكان يحتاح أربعين سنة؛ وربما يحتاج اليوم مع تسارع الزمان، وتصدر الأحداث إلى أقل.
3- تربية الحركة والجهاد؛ وفيها يعاد صياغة الجيل؛ ليكون المجتمع أهلا للاستخلاف في الأرض، ويكون أنموذجا لأمة مسلمة أمام أمم الشرق والغرب.
ومثل هذه التريبة، كانت تربية الرسول صلى الله عليه وسلم أصحابه؛ جيل تربى في الحركة التي صهرته وأعادت تشكيله؛ من إظهار الإسلام والصبر والهجرة للحبشة والهجرة للمدينة وتأسيس دولة والغزوات ومعاهدات وحروب وفتح مكة ووفود العرب ومراسلة الأمم، حركة وجهاد، أعادت تشكيل ذلك الجيل، حتى حمل هذا الجيل من ذلك المجتمع، مهمة التكليف الرباني بالاستخلاف في الأرض.

ونحن قد نجانا الله من فرعون؛ فالخير للمجتمع وللجيل أن يدخل طوعاً أو كرهاً في الحركة والجهاد في سبيل الله؛ فتعاد صياغة هذا الجيل؛ ليصلح للقيام بواجبات أمة الخلافة في الأرض، والشهادة على الخلق.
فإن لم يكن فالخير لهذا المجتمع ولهذه الأمة، أن يستبدل بهذا الجيل جيل جديد؛ ينشأ ولا فرعون أو فرعونية فوقه.
أما أن نرجع إلى حكم فرعوني؛ فهذا هو شر أمر لهذا الجيل، ولهذا المجتمع، إلا أن يشاء الله أمرا بعد ذلك.
والطاغوتية الأكبر، والفرعونية الأشر، هو هذه الدولة القومية الحديثة التي يتنافس الجيش والعلمانيون والإخوان على إسعافها وإدارتها!
هذه الدولة القومية الحديثة؛ تفكك المجتمع من وحداته الاجتماعية، وتتعامل معه كمجتمع من أفراد، ولا رؤوس له، ثم هي التي تطعمه وتسقيه، وهي التي تعلّمه وتوجهه، وهي التي تؤمِّنه، وهي التي تجنِّده لخدمتها، ثم هي التي تسيطر عليه بإعلامها أو بأجهزتها الأمنية والعسكرية.
وتحت إدارة هذه الدولة، نكون قد رجعنا إلى حكم الفرعون ثانية؛ فلتربية المجتمع ليكون أهلا ليتحمل مسئوليات الخلافة في الأرض، والشهادة على الخلق، لا يكون المطلوب أن تكون هذه التربية تحت حكم اتجاه دون آخر، لنفس الدولة القومية الحديثة بنظامها، لكن يكون ذلك بنسف هذه الدولة من جذورها، أو بعدم استقرارها؛ فتكون منافساتها السياسية على وهم، بعيدا عن واقع المجتمع ولا يؤثر فيه.
فيسألني:
س: لكن أليست هذه الدولة القومية الحديثة، هي أرقى نموذج وصلت له البشرية في الحكم؛ فلماذا لا نسعى للاستفادة من هذا النموذج، ولنحكمه بشرع الله؟
جـ: نموذج الدولة القومية الحديثة، هو نموذج نشأ في ظرف تاريخي خاص، بعد الحروب الدينية في أوربا، وهو نموذج له الآن صورتان:
1 دكتاتوري؛ يتحكم فيه فرد أو عصابة في الدولة والمجتمع.
2 ديموقراطي؛ وصورته المعاصرة: لِبرالي ديموقراطي رأسمالي؛ لبرالي (كعقيدة أو فلسفة تعتمد الحرية الفردية، والحق في تشريعاتها هو حق الغير)، ديموقراطي (كنظام حكم سياسي)، رأسمالي (كنظام اقتصادي).

والديموقراطية تدعي إعطاء الحكم ( على مستوى السلطات التشريعية والتنفيذية) للشعب، لكن حقيقة حالها أن رأس المال هو الذي يحدد ممثلي الشعب هؤلاء؛
فمن يرشح نفسه يحتاج لدعاية ليعرف الناس بنفسه، وهذه الدعاية تحتاج إلى مصروفات تعطيها رؤوس الأموال والشركات الكبرى؛ فتتحكم رؤوس الأموال في المترشحين.
ثم من ينتخب يعرف المرشحين عن طريق الإعلام، ويؤثر الإعلام في الناخبين وفي توجهاتهم، والإعلام في الدول الديموقراطية مملوك لأصحاب رؤوس الأموال؛ فتتحكم رؤوس الأموال في الناخبين.
ثم فوق ذلك ولأن النظام اللِبرالي الديموقراطي، يتعامل مع المجتمع كأفراد، ويفكك الوحدات الاجتماعية له؛ فيحتاج إلى أحزاب سياسية لتجمع الأفراد حسب توجهاتهم السياسية، وتحتاج هذه الأحزاب إلى أموال لتقوم ولتستمر ولتنتشر؛ فتتحكم رؤوس الأموال في الأحزاب.
وفي بعض المناطق الفقيرة يشتري البعض أصوات الناخبين، أو يحشد البعض ناخبيه بسيارات وما شابه؛ فيتحايلون على المنظومة الديموقراطية، في صورة أخرى هي من صور توجيه رأس المال للحكم، أو حكم رأس المال للديموقراطيات.
فالدول الديموقراطية هي دول تحكمها رؤوس الأموال.
والدولة القومية الحديثة في نموذجيها؛ الدكتاتوري (الذي يحكمه فرد أو عصابة)، واللبرالي الديموقراطي (الذي يحكمه رأس المال)، تفكك المجتمع، وتتعامل مع الأفراد، وهي تتحكم في المجتمع على كل المستويات.

لكن الدولة الإسلامية في نماذجها التاريخية، أو الأمة الإسلامية؛ هي أمة المجتمع الفاعل.
وكان أول من عمل على تفكيك المجتمع عندنا، وتفكيك وحداته الاجتماعية، والقضاء على رموزه أو تشويههم، وأهل الحل والعقد فيه، هو محمد علي، كما كان أول من صادر أوقاف المسلمين، وأول من نزع السلاح من المجتمع، وأول من أجبر الرجال على حلق لحاهم كالنساء. ثم زاد (عبد الناصر) بعده من ترسيخ طاغوت الدولة القومية الحديثة في مصر؛ فزاد من تفكيك المجتمع، واستولى على ما استولى عليه من باقي أوقاف المسلمين، كما جعل شيخ الأزهر بالتعيين؛ فكان أول من أمم العلماء.
والمجتمع الإسلامي؛ كان في تاريخه مجتمعا (ديناميكيا) متحركا مجاهدا، وكان إذا انحرف مجتمعاً (استاتيكيا) تقاتل عنه الدولة؛ فكان اعتماده في فاعليته الداخلية، في الحالة الثانية، على الأوقاف التي توقف على التعليم والصحة وجميع الخدمات.
والأوقاف على التعليم، كانت تجعل عندنا علماء يتبعهم العامة، ولا تنفق عليهم الدولة، ولا تستطيع أن تتحكم فيهم الدول الظالمة، إلا في أضيق الحدود.
المجتمع المسلم هو مجتمع فاعل؛ تظهر قياداته بتلقائية في وحداته الاجتماعية؛ فسواء كانت الوحدات الاجتماعية وحدات نسب كالبيوت والعائلات والعشائر والقبائل، أو كانت وحدات سكن وجيرة كالأحياء والقرى، أو كانت وحدات لأصحاب أعمال كالتجار والصناع والزراع وغيرهم؛ فلأنها وحدات فاعلة تحتاج لأن توفر الخدمات لأنفسها بأنفسها ما استطاعت، وإن عجزت عن بعض فالمشكلة تصعّد للوحدة الاجتماعية الأكبر؛ فلهذا تتماسك هذه الوحدات الاجتماعية، ولهذا تظهر لها قيادات من بينها.
فهي من تفرز قياداتها، لا يتشرف بأن المرء للولاية، وهو مما نهى عنه الإسلام، وفيه من المفاسد ما فيه، لكن بمؤهلات المرء الجسمية والعلمية، وببذله من جهده ووقته وماله، وبكفاءته، يبرز وسط قومه ويقدّم.

ثم بمكانة الوحدات الاجتماعية الصغرى، وسط الوحدات الأخرى المكونة للوحدات الاجتماعية الأكبر، وبفاعليتها وسطهم، يكون تقديمها بينهم. وبمكانة وكفاءة وبذل قيادات هذه الوحدة الصغرى، يبرزون كذلك كقادة للوحدة الاجتماعية الأكبر.
مجتمع الوحدات الاجتماعية القوية الفاعلة؛ لا يوحده إلا دين، ثم لا يحافظ على هذا التوحد، ويمنع تفرقه، إلا جهاد عدو خارجي على هذا الدين.
ثم إن جهاد المجتمع، وأن يكون المجاهدون منه ومن وحداته الاجتماعية، لا من وحدات عسكرية تجاهد عنه، يمنع سطوا على المجتمع يفسده، ويكسب الجهاد دوما أبعاده الدعوية والسياسية والأخلاقية، ولا يبتعد به عن مرجعية الأمة وقيمها.
أما الدولة؛ فلم تكن وظيفة الدولة في الخلافة الراشدة، غير رسم السياسات. ثم بعد ذلك، وخاصة من العصر العباسي الثاني، كانت وظيفة الدولة عسكرية دفاعية كذلك.
ونلاحظ أن أهم الفتوحات في التاريخ الإسلامي، كانت لدول تحارب بوحداتها الاجتماعية. أما الدول التي تعدّى دور الدولة فيها توجيه المجتمع في السياسة الحربية، إلى القتال عن المجتمع؛ فقد اقتصرت مهمة جيوشها غالبا على الدفاع. وكل وظائف الدولة الحديثة بعد ذلك، قد كانت دوما إلى المجتمع المسلم.
فلو عقدنا مقارنة بين دولة إسلامية وبين دولة قومية حديثة:

1- التشريع:
في الدولة الإسلامية؛ هو حق خالص لله وحده، ومارسه تنزيلا علماء الشريعة، بصفتهم موقعين عن الله، مجتهدين في شرعه ملتزمين به، منزلين شرع الله على الواقع.
أما في الدولة القومية الحديثة؛ فهو حق للبشر!
في الدكتاتورية؛ للحاكم وعصابته.
في الديموقراطية؛ يوجهه رأس المال واقعيا، وهو حق للأمة نظريا، ويمارسه أفراد بصفتهم نواب عن الأمة.
2- شكل المجتمع:
في الدولة الإسلامية؛ مجتمع فاعل، من وحدات اجتماعية فاعلة.
في الدولة القومية الحديثة، خاصة نموذجها اللِّبرالي الديموقراطي الرأسمالي، يفكك المجتمع إلى أفراد، ويتعامل مع كل فرد وحده.

3- السلطة التنفيذية
أ- وظائفها الخدمية
في الدولة الإسلامية؛ هي للمجتمع.
في الدولة القومية الحديثة؛ هي للدولة.
ب- وظائفها السياسية
في الدولة الإسلامية الراشدة؛ هي لأهل الحل والعقد، وهم رؤوس الناس.
في الدولة الديموقراطية؛ هي لقوم يفترض بهم نظريا تمثيل المجتمع، وهم واقعيا تتحكم بهم رؤوس الأموال.
فللوصول إلى نموذج دولة إسلامية، لا بد من تحقيق أمور ثلاثة:
1- استقلال علماء الشريعة عن تحكم أو توجيه الدولة.
2- تفعيل دور المجتمع، وبناء الوحدات الاجتماعية فيه.
3- بروز زعامات وقيادات يفرزها المجتمع بتلقائية.
وللوصول إلى ذلك لا بد من طريقين لا نعرف لهما ثالثاً:
1- طريق الحركة والجهاد.
2- أو طريق التيه، وعدم النزول تحت حكم فرعوني.
ولأن الدولة القومية الحديثة هي فرعون أكبر؛ فلا تكون طريقا للوصول إلى شيء مما سبق.

ونأتي للتفصيل فيها:
1- استقلال علماء الشريعة؛ فيصعب وجود جيل من العلماء، تحت حكم دولة حديثة، يستطيع أن يستقل بعقله وبفقهه وبتوجهاته وبتوجيهاته عن تلك الدولة الطاغوت، التي يفترض بهم السعي لهدمها، وإقامة الدين.
2- ولتفعيل دور المجتمع، ولبناء الوحدات الاجتماعية فيه، يلزم أن يتخلص أولاً من سلطة الدولة القومية الحديثة.
فالدولة القومية الحديثة؛ هي من توفر للمجتمع كل ما يحتاجه اليوم. وليكون المجتمع مجتمعاً فاعلاً؛ فهذا أمر صعب عليه لا يأتي بسهولة، بل هو أمر كفطام الأم لابنها، هو أمر شاق عليه، وعلى أمه. فنجاح وزارة في دولة حديثة كوزارة التموين مثلا، هو تكريس لاعتماد المجتمع على الدولة.
أما عند ضعف الدولة، أو عند غياب دولة حاكمة، ودخول المجتمع حالة حرب وجهاد، أو عند دخول المجتمع حالة فوضى وتيه، سيضطر المجتمع بوحداته الاجتماعية طائعا أو كارها، ليوفر لنفسه خدماته الأساسية.
وليوفر المجتمع لنفسه خدماته الأساسية، ستضطر وحدات المجتمع للتقارب مع بعضها، أو لبناء نفسها.
وهي أمور لا يفعلها المجتمع، في جو تمده الدولة بكل ما يحتاج، وتقوم عنه بواجباته.
3- ولإبراز زعامات وقيادات يفرزها المجتمع بتلقائية.
يلزم :
1.أن يدخل هذا المجتمع جو حركة وجهاد؛ فمن يسبق ويصدق، يدين لهم المجتمع بتلقائية كما كان أهل بدر هم أهل شورى عمر بن الخطاب.
وكما أوتي داود الملك لما كان في جيش طالوت، ثم قتل جالوت {وقتل داود جالوت وآتاه الله الملك والحكمة}.
أو 2.أن يدخل هذا المجتمع التيه، ويلزم أن تظهر وحداته الاجتماعية الفاعلة كما تقدم؛ فيكون رؤوس هذه الوحدات الاجتماعية، الذين برزوا في قيامهم بحاجاتها وخدماتها، هم رؤوس القوم وقيادات المجتمع.

كما كان الحال بعد التيه {ألم تر إلى الملأ من بني إسرائيل من بعد موسى}؛ فأخيرا صار لبني إسرائيل ملأ، ولم نر في تاريخ بني إسرائيل ذكرا لملأ من بني إسرائيل قبل ذلك التاريخ.
ومع كل ما في هذا الملأ من بني إسرائيل من خلل كقصرهم علة القتال على {وقد أخرجنا من ديارنا وأبنائنا} وخلل في المقاييس كقولهم: {أنى يكون له الملك علينا ونحن أحق بالملك منه} وقولهم: {ولم يؤت سعة من المال}.

لكن ما كان ليكون لهم ملأ قبل تربية التيه؛ فالتربية الفرعونية لا تجعل للقوم رؤوسا.
فما ذكر عن بني إسرائيل تحت حكم فرعون، وبعد التربية الفرعونية ملأ، وحتى لما ذهب موسى لميقات ربه، اختار هو من قومه {واختار موسى قومه سبعين رجلا لميقاتنا}.
فللوصول إلى صورة المجتمع الفاعل، المجتمع الذي يفرز قياداته ذاتياً وتلقائياً، لا بد أن نمر بأحد طريقين:
1- طريق الحركة والجهاد. وإلا فـ 2- طريق التيه.
لكن الحركات الإسلامية اليوم كلها، أو خيرتها، تتصور الدولة المسلمة، أنها الدولة القومية الحديثة بشكلها وبصورتها وبقطريتها، لكن تطبّق الشريعة كقوانين. وبغض النظر عن هذه الصورة الساذجة المتخيلة لأسلمة الدولة القومية الحديثة، والتي يستحيل عمليا أسلمتها، لكن دعنا نفترض جدلاً أن قد وصلوا إلى ما يبتغون؛ فماذا يكون؟
يكون عندنا دولة مسلمة لله رب العالمين؛ إذ استسلمت لأمره وطبقت شرعه.
لكن هل تكون عندنا أمة خلافة في الأرض، وشهادة على الخلق؟ لا تكون.
هل تكون دولة دعوة؟ لا تكون.
فالفرق بين هذه الدولة المتخيَّلة، إن فرضنا وقوعها، وبين الدولة الإسلامية التي كتب الله لنا (قدراً) ، كما كتبها علينا (شرعاً)، كالفرق بين الراهب، والفرق بين العالم العابد الداعية المجاهد، أو هو فرق أكبر وأعظم.
فالكلام عن "خلافة على منهاج النبوة" ، وكلام الإمام الشهيد حسن البنا عن أستاذية العالم، لم يعد اليوم عندهم كلهم إلا كلاماً في الكتب.

فالإجابة على سؤال: س: لماذا لا نساند أيا من المشروعات المتصارعة في مصر الآن؟
1- شرع الله؛ لا يلتزم أيها بشرع الله، أو يسعى لتطبيق شرع الله.
2- الخروج من الهيمنة؛ لا يخرج أيها عن هيمنة القوى العظمى، أو يسعى للخروج بالأمة من الهيمنة.
ثم كلها تتنافس على قيادة الدولة القومية الحديثة.
3- تربويا للأمة؛ لا يستقيم أمر الأمة تربوياً، ولا يمكن تربية أمة مؤهلة للقيام بتكاليف الخلافة في الأرض، تحت طاغوتية وفرعونية الدولة القومية الحديثة.
4- صورة وشكل المجتمع والدولة؛ فهم يكرسون جميعهم للدولة القومية الحديثة، أو لوَهْم أسلمتها، والدولة القومية الحديثة شيء، والدولة الإسلامية شيء آخر؛ في شكله، وفي مرجعيته أيضا. كما أن الدولة القومية الحديثة في كل صورها، ليست طريقا يوصل إلى دولة إسلامية، بل لا بد من مرور المجتمع من أحد طريقين كما أسلفنا.

5- هدف ومقصد الدولة والأمة؛ فالدولة عندهم جميعهم هي دولة خدمة، وإن أسلمت (فرضاً)، أما الدولة الإسلامية فهي دولة دعوة. ودولة الخدمة لا توصل إلى دولة الدعوة، لكن من أحد طريقين آخرين كما أسلفنا.
ثم يأتي السؤال الأهم؛ س: فما هو واجبنا تجاه الأمة والأحداث اليوم؟؟؟
جـ: نحن وبعد مرحلة الثورات العربية، والتي قامت في عدة دول في المنطقة، قد خرجنا عن فرعون والفرعونية؛ فبدأت الأمة تتأهل للخلافة.
وليس الحل في حركة أو حركات أخرى، ولا الحل في تيارات أخرى، لكن الحل في الأمة، وفي العمل على تفعيل الأمة والمجتمع نفسه؛ المجتمع كله.
ولا نجد في أمتنا، أو في دول الثورات، بلادا هي مؤهلة وقادرة على قيادة الأمة، مثل مصر وسوريا.
فأما سوريا؛ فقد قام فيها سوق الجهاد، وصار المجتمع فيها مجتمعا مجاهداً؛ طوعاً أو كرهاً.
ومع ذلك قد صارت في كل مدينة فيها محكمة شرعية؛ تحكم بشرع الله، ويتحاكم إليها القوم.
فهو مجتمع بدأ يتأهل هذا الجيل منه للخلافة، وهو جيل يصاغ في أجواء الحركة والجهاد، ليصلح أن يتحمل مسئوليات الخلافة، بقيادة هذه الجماعات التي فيه اليوم، أو يفرز هذا المجتمع نفسه الذي يربيه الجهاد، من يوحده على الدين والشريعة، كما كانت طالبان في أفغانستان.
ولا بد أن تكون الدولة الإسلامية الناشئة، إفرازا طبيعيا للمجتمع نفسه، أو تتداخل مع بنيته الاجتماعية تداخلاً تاماً.
وأنجح التجارب الجهادية المعاصرة في التمكين للدين والشريعة، كانت هي تجربة طالبان في أفغانستان، وأنصار الدين في أزواد بشمال مالي؛ فكلاهما نشآ في مجتمع فاعل، وتبنت فيه وحدات اجتماعية تقليدية في المجتمع قضية الدين والشريعة

المصدر مبتد


0 التعليقات :

إرسال تعليق